كتبت- نجلاء فتحي
إلى من يُهمُه الأمر ...
إلي وإليك، إلى ذاك العالم الذي أصبح لا يعرف أبسط معاني الشفقة والرحمة والمواساة!
إلى الأهل والجمع والخِل، إلى الإنسان الذي لم يعد إنسان
في الماضي كان يجمعنا أحد المسلسلات، حين كان للفن بيننا كيان وإسم وعنوان، كان الأب فيه شغله الشاغل أمامنا هو الأبناء، همهم وحلمهم الحب والفرح والأحزان، كان يتقاسم مع زوجته الثواني أمامنا ليرسل إلينا دائمًا كم كان همه أبنائه ولحظات أعمارهم البسيطه ودعمهم حيناً أو مواساتهم في الآه بكل مافي الإمكان، حين كان يسكنهم، يسكن أحلامهم، يأنس مجالستهم ويأنسون له بلا سِر ولا خفايا، كان دوماً يخطط لهم ويرسم أبسط تفاصيل مُستقبلهم وزوايا أحلامهم البسيطه مع الألوان، فهم "فلزة أكباده" كما كان في مسلسله يقول في ذاك الزمان، حين كان الأب معلماً، حين كان همه في الحياة وشغله الشاغل بالفعل هم أبنائه، حين كان لا يفكر ولا يتحرك إلا لأجلهم، كان يؤرق عينيه مستقبلهم وحياتهم، بات أباً فلا أعرف ماذا أصبح في هذا الزمان!
كانت في الماضي تجمعنا طاولات الطعام والشراب نتسامر معها ونحكي أحداث يومنا، نقص القصائص والقصص، نرسم ملامح الغد ونضحك على يومنا ونتبادل الآراء بلطف مع البسمات والضحكات،كانت العواطف والمشاعر تحكمنا،وكانت أسرتنا هي مصدر الدافئ و الأمان، واليوم تغيرت مجريات الأيام ،والأحداث وتغيرت معها بوصلة الزمان والمكان وسافرت المشاعر إلى عهود الذكريات بلا رجعه، فأصبح الوقت غير الوقت، وبات الزمان دون الزمان !
أصبحت تلك الشاشة الصماء هي المتحكم الأول، في يدينا من اليقظة وحتى المنام بل وحين المنام، هاجمت ضمائرنا، تغلبت على عاداتنا، قضت على مشاعرنا، ومحت ملامحنا اللطيفة وألقت بمشاعرنا إلى مهملات الحياة، دون أن يرانا العطف أو يصبح بيننا بلُطف مكان!
تعصرني حكايا هذا الجيل، يكسرني ضياعه مشتتاً بلا هوية أو رحمة يمتلكها أو يجدها في أقرب من حوله، وتبكيني حرفياً مواساته لنفسه التي ألمحها في أبسط الكلمات، في منشوراتٍ باتت مؤنسه في تلك الوحدة التي أضحىٰ فيها ،ولا يرىٰ فيها غير البسمات فيما بيننا لنُخبر العالم أننا بخير حتى لأقرب من بيننا إلينا، لنكمل حياة الصمت اللعينة التي حلت على بني الإنسان، تلك الفتاة التي كتبت أناملها كلمات، وهي مغادرة تلك الحياة كيف حالها، وذاك الشاب الذي يوصي في مفارقته برسالته ألا يمضي في جنازته أقرب قريب قبل الإنتحار، تلك الجرائم التي لا يحكمها عقل ولا ضمير وكلها بالذبح وأسوأ أشكال القتل بلا رحمة، هؤلاء الشباب الذين يتبادلون الرسائل والضحكات والكلمات، بل اتفاقهم على افظع أنواع الكلمات وصنع المحتوىٰ والتريندات، أنا وإن كنت لا أشجعها أو على الأقل أغلبها، غير أني أراها صرخات استغاثة وليست مجرد كلمات، فما هذا الذي أصبحنا عليه؟
أين الأب الرفيق أين الأم أصبحت، بماذا شغلوا، ولما انشغلوا، وماذا اختطف عقولهم إلى البعيد بلا عودة، أإلى هذا الحد أصبحنا من اللامبالاة بهؤلاء المساكين، نعم هم هكذا وتلك حالهم، فإلا من رحم ربي كان فى الماضي القريب لدينا الأب الصديق، وبات هو المتسبب في الضيق، كانت الأم تسمع وتعين، وإنما أصبحت دافع الوجع والأنين، فاستيقظنا يوماً على تغير الأحوال إلى أسوأها فأصبح أرقىٰ المخلوقات على غير ما كان، أصابتنا لعنة الصمت الحقير إلى عجز وإسقاط وإزلال، سيطرت الماده فمحت الرفق واللين من الأيام، وظهرت التكنولوجيا الإليكترونية وحين انتشرت أسأنا فهمها واستخدامها فازداد الوضع سوءاً فتهنا وضعنا مع الأيام وقتلت ضحكات القلب المسموعه مع الأيام، في كل يوم يمضي أتمنىٰ معجزة وأدعو الله أن يحدث شيئاً ما يغير أحوالنا، أو أن تعيدنا الحياة إلى ما كنا وما كان، فماذا لو اجتمع رقي زماننا مع تقدم هذا الزمان، أملي من الله أن يحفظنا ويحفظ بلادنا في القادم من الأيام، وألا يسوء الحال لأسوء من هذا الحال! .
رئيس التحرير: عبدالله إبراهيم
نائب رئيس التحرير: مريم عبدالهادي كامل
#حكاية_تدَوِّن_أحلامنا_لكل_جيل
#جاليري_صناع_الثقافة_والفنون
#شروق_مصر_٢٠٣٠
#قادرون_بالحلم
#خُط_لكي_تترك_أثرًا
#النجاح_شايلنا_وطاير
#Shorouk_Of_Egypt
#Season_1
الوسوم:
مقالات